اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا الجزء : 1 صفحة : 484
ندم على ما قال. وكان الظهار والإيلاء من طلاق الجاهلية، وذلك أول ظهار وقع فى الإسلام. ثم ندم على ذلك ومنعته نفسها حتى يحكم الله ورسوله فيهما بحكمه، وتحرّج هو فقال لها: ما أظنك إلا قد حرمت علىّ. فجمعت عليها ثيابها وأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إنّ زوجى أوس بن الصامت تزوجنى وأنا شابّة غنيّة ذات مال وأهل، حتى إذا أكل مالى، وأفنى شبابى، وتفرّق أهلى، وكبر سنى: ظاهرنى وقد ندم، فهل من شىء يجمعنى وإياه تنفّسنى به؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: حرمت عليه.
فقالت: يا رسول الله والذى أنزل عليك الكتاب ما ذكر طلاقا، وإنه أبو ولدى وأحب الناس إلىّ. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: حرمت عليه. فقالت: أشكو إلى الله فاقتى ووحدتى، قد طالت صحبتى، ونفضت له بطنى. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أراك إلا قد حرمت عليه ولم أومر فى شأنك بشيء. فجعلت تراجع رسول الله صلى الله عليه وسلم وكلما قال لها: حرمت عليه، هتفت وقالت: أشكو إلى الله فاقتى وشدة حالى. وإنّ لى صبية صغارا إن ضممتهم إليه ضاعوا، وإن ضممتهم إلىّ جاعوا، وجعلت ترفع رأسها إلى السماء وتقول: اللهم إنى أشكو إليك. اللهم فأنزل على لسان نبيّك فرجى. فأنزل الله الآيات الكريمة: (قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ) الآيات [1].
فعلم من هذا سبب نزول الآية الكريمة، وإليك بعض ما فيها من عظيم الفوائد، ونبيل المقاصد، وجليل العبر والعظات:
[مكانة المرأة فى الإسلام]
1 - فى الآية إشادة بمنزلة المرأة فى الإسلام، وكيف أنها كانت من عظيم المنزلة، وشرف القدر ما يجعلها تقف أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم تجادله وتحاوره وتبادله الحجة بالحجة، حتى إن القرآن يستدل فى شأنها، ويستجيب الحق لندائها، وتكون قضيتها صدر سورة من كتاب الله خالدة ما بقيت السماوات والأرض، رضى الله عن أم المؤمنين عائشة إذ [1] رواه أحمد (7/ 560) وأبو داود (2214) وابن حبان (4279) والبيهقى فى" السنن" (11/ 320) والطبرانى فى" الكبير" (1/ 225) و (24/ 247) عن خولة بنت ثعلب رضي الله عنها. والبيهقى فى" السنن" (11/ 309) والطبرانى فى" الكبير" (11/ 211) عن ابن عباس رضي الله عنهما. وحسنه الشيخ الألبانى فى" صحيح سنن أبى داود" برقم (1934).
اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا الجزء : 1 صفحة : 484